{كذلك نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ} أي كما سلكنا الكفر أو الاستهزاء في شيع الأولين نسلكه أي الكفر أو الاستهزاء في قلوب المجرمين من أمتك من اختار ذلك. يقال: سلكت الخيط في الإبرة وأسلكته إذا أدخلته فيها وهو حجة على المعتزلة في الأصلح وخلق الأفعال {لاَ يُؤْمِنُونَ بِهِ} بالله أو بالذكر وهو حال {وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الأولين} مضت طريقتهم التي سنها الله في إهلاكهم حين كذبوا رسله وهو وعيد لأهل مكة على تكذيبهم {وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَاباً مِنَ السمآء} ولو أظهرنا لهم أوضح آية وهو فتح باب من السماء {فَظَلُّواْ فِيهِ يَعْرُجُونَ} يصعدون {لَقَالُواْ إِنَّمَا سُكِّرَتْ أبصارنا} حيرت أو حبست من الإبصار أو من السكر، {سكِرت} مكي أي حبست كما يحبس النهر من الجري، والمعنى أن هؤلاء المشركين بلغ من غلوهم في العناد أن لو فتح لهم باب من أبواب السماء ويسر لهم معراج يصعدون فيه إليها ورأوا من العيان ما رأوا لقالوا هو شيء نتخايله لا حقيقة له ولقالوا {بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ} قد سحرنا محمد بذلك، أو الضمير للملائكة أي لو أريناهم الملائكة يصعدون في السماء عياناً لقالوا ذلك. وذكر الظلول ليجعل عروجهم بالنهار ليكونوا مستوضحين لما يرون وقال: إنما ليدل على أنهم يبتون القول بأن ذلك ليس إلا تسكيراً للأبصار {وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِى السمآء} خلقنا فيها {بُرُوجاً} نجوماً أو قصوراً فيها الحرس أو منازل للنجوم {وزيناها} أي السماء {للناظرين وحفظناها} أي السماء {مِن كُلِّ شيطان رَّجِيمٍ} ملعون أو مرمي بالنجوم {إِلاَّ مَنِ استرق السمع} أي المسموع و{من} في محل النص على الاستثناء {فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ} نجم ينقض فيعود {مُّبِينٌ} ظاهر للمبصرين. قيل: كانوا لا يحجبون عن السماوات كلها فلما ولد عيسى عليه السلام منعوا من ثلاث سماوات، فلما ولد محمد صلى الله عليه وسلم منعوا من السماوات كلها.